احلى الايام المدير العام
عدد المساهمات : 5753 تاريخ التسجيل : 15/02/2009
| موضوع: تاصدقه بلا مال الخميس يونيو 18, 2009 5:58 am | |
| فضيلة الشيخ-عبدالله بن صالح آل الشيخ الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.في الصحيحين عن أبي هريرة أن فقراء المهاجرين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: "ذهبأهل الدثور بالدرجات العُلى والنعيم المقيم. فقال: "وما ذاك"؟ قالوا:يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من قدسبقكم، وتسبقون من بعدكم ولا يكون أحدٌ أفضل منكم إلا من صنع مثل ماصنعتم؟". قالو: بلى يا رسول الله، قال: "تسبّحون وتكبّرون وتحمدون دُبُركل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة". قال أبو صالح: فرجعفقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخوانناأهلُ الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"(1). كان الصحابة رضي الله عنهم لشدة حرصهم على الأعمال الصالحة وقوة رغبتهم فيالخير يحزنون على ما يتعذر عليهم فعله من الخير مما يقدر عليه غيرهم، فكانالفقراء يحزنون على فوات الصدقة بالأموال التي يقدر عليها الأغنياء،ويحزنون عن التخلف عن الخروج في الجهاد لعدم القدرة على آلته، فدلهم النبيصلى الله عليه وسلم على صدقات يقدرون عليها حيث ظنوا أنه لا صدقة إلابالمال، وهم عاجزون عن ذلك , فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن جميع أنواع فعل المعروف والإحسان صدقة، وفي صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل معروف صدقة"،(2) فالصدقة تطلق على جميع أنواع فعل المعروف والإحسان، والصدقة بغير المال نوعان:الأول: ما فيه تعدية الإحسان إلى الخلق، فيكون صدقة عليهم وربما كان أفضل من الصدقة بالمال، وهذاكالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه دعاء إلى طاعة الله، وكف عنمعاصيه وكذلك تعليم العلم النافع، وإقراء القرآن، وإزالة الأذى عن الطريق،والسعي في جلب النفع للناس، ودفع الأذى عنهم والدعاء للمسلمين والاستغفارلهم.ومن أنواع الصدقة: كف الأذى؛ ففي الصحيحين عن أبي ذر قال: قلت:يا رسول الله: "أي الأعمال أفضل؟ قال: "الإيمان والجهاد في سبيله". قلت:فأي الرقاب أفضل؟ قال: "أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً". قلت: فإن لمأفعل؟ قال: "تعين صانعاً أو تصنع لأخرق". قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفتعن بعض العمل؟ قال: "تكف شرك عن الناس فإنها صدقة".(3) وفي سنن الترمذي منحديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تبسمك في وجه أخيك صدقة،وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لكصدقة، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك فيدلو أخيك لك صدقة".(4) وفي صحيح ابن حبان من حديث أبي ذر أن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال: "ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعتفيه الشمس". قيل يا رسول الله: ومن أين لنا الصدقة نتصدق بها؟ قال: "إنأبواب الخير كثيرة: التسبيح، والتكبير، والتحميد، والتهليل، والأمربالمعروف والنهي عن المنكر، وتميط الأذى عن الطريق، وتسمع الأصم، وتهديالأعمى، وتدُلُ المستدل على حاجته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث،وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف، هذا كله صدقة منك على نفسك"(5).ومن أنواع الصدقة: أداء حقوق المسلم على المسلم كما في صحيح مسلم: "للمسلم على المسلم ست". قيل:ما هن يا رسول الله، قال: "إذا لقيته تسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذااستنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعْدهُ، وإذا ماتفاتبعه"(6).من أنواع الصدقة: المشي بحقوق الآدميين الواجبة إليهم، قال ابن عباس: من مشى بحق أخيه إليه ليقضيه، فله بكل خطوة صدقة(7).ومنها إنظار المعسر ففي المسند وسنن ابنماجه عن بريدة مرفوعاً: "من أنظر معسراً فله بكل يوم صدقة قبل أن يحلالدين فإذا حل الدين فأنظره بعد ذلك، فله بكل يوم مثلاه صدقة"(، ومنهاالإحسان إلى البهائم كما في الحديث: "في كل كبد رطبة أجر"(9).النوع الثاني من الصدقة التي ليست مالية: ما نفعه قاصر على فاعله كأنواع الذكر من التسبيح والتكبير والتحميدوالتهليل والاستغفار وكذلك المشي إلى المساجد وركعتي الضحى، ومنها محاسبةالنفس على ما سلف من أعمالها والندم والتوبة والبكاء من خشية الله والتفكرفي ملكوت السماوات والأرض وفي أمور الآخرة وما فيها من الوعد والوعيد، قالكعب: "لأن أبكي من خشية الله أحبُ إليّ من أن أتصدق بوزني ذهباً"(10).نعم، إنها صدقات متنوعة وطرق للخير ميسرة منها المتعدي ومنها القاصر نفعها على فاعلها ولكل إنسان ما يحسن منها.نقول ذلك ونحن على أبواب إجازة الصيف التي يجد فيها الناس من الفراغمالا يجدونه في غيرها من الأوقات، فالإجازة نعمة ولابد من استثمارها فيالعمل النافع المفيد الذي يستغرق الصباح والمساء؛ لأن الفراغ يعد مشكلةتقلق المجتمع والأفراد وتقلق الآباء والأمهات. قال الشافعي رحمه الله:"إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل".الفراغ أساس لكل فساد فهو لص خابث وقاطع عائث أفسد أناساً ودمّر قلوباً وسبب ضياعاً.ولكن كيف يكون في حياة المسلم فراغٌ وقد أرشد النبي الكريم صلى الله عليهوسلم إلى تلك الخصال العظيمة التي هي صدقات من الإنسان على نفسه وصدقاتمنه على غيره من الناس.الإجازة جزء من عمر الإنسان وحياته ترصد فيهاالأعمال، وتسجل الأقوال، والجميع موقوف للحساب بين يدي الجبار جل جلاله،فالدنيا دار اختبار وبلاء، كل ذلك يجعل للحياة قيمة أعلى ومعان أسمى من أنيحصر الإنسان همه في دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، أو مال يجمعه، سدد اللهالخطى وبارك في الجهود وجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين إنه سبحانهمسؤول خير والحمدلله أولاً وآخراً.الهوامش:1- البخاري (843) و (6329) ومسلم (595).2- رقم (1005).3- البخاري رقم (2518) ومسلم (84).4- رقم (1956) وصححه ابن حبان (474) و (529).5- برقم (3377).6- مسلم (2066).7- أورده السيوطي في الجامع الكبير (838/2) ونسبة إلى الطبراني والضياء المقدسي.8- رواه أحمد (5-360) والحاكم وصححه على شرط الشيخين (2-34).9- رواه البخاري برقم (2363) و (2466) ومسلم (2245).10- رواه أبو نعيم في الحلية (366/5).__________________ | |
|